الست المصريه

ياالفين وتلاتميت مرحبا انت كنت فين من زمان ...منتظرينك تنورينا في بيتنا وتشاركينا وتستفيدي وتفيدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الست المصريه

ياالفين وتلاتميت مرحبا انت كنت فين من زمان ...منتظرينك تنورينا في بيتنا وتشاركينا وتستفيدي وتفيدي

الست المصريه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مطلوب مراقبات ومشرفات للموقع الرجاء سرعه التسجيل ....الاداره...............لتقديم الطلبات الرجاء كتابه موضوع في قسم طلبات الاشراف
حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك Support

    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك

    الست المصريه
    الست المصريه
    المديره العامه
    المديره العامه


    عدد المساهمات : 479
    تاريخ التسجيل : 10/02/2010

    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك Empty حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك

    مُساهمة من طرف الست المصريه السبت أبريل 17, 2010 11:19 am

    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك Pk582459ورحمة الله وبركاته
    حَدِيث عَائِشَة فِي قِصَّة الْإِفْك

    قال الإمام
    البخاري في صحيحه،حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ،قال: ‏ ‏حَدَّثَنَا
    ‏ ‏اللَّيْثُ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏يُونُسَ ،‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ،‏ ‏قَالَ:
    أَخْبَرَنِي ‏ ‏عُرْوَةُ

    ا بْنُ
    الزُّبَيْرِ ‏ ‏وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، ‏

    ‏وَعَلْقَمَةُ
    بْنُ وَقَّاصٍ ،‏ ‏وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ
    بْنِ مَسْعُودٍ، ‏ ‏عَنْ حَدِيثِ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏
    ‏زَوْجِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏حِينَ قَالَ
    لَهَا أَهْلُ ‏ ‏الْإِفْكِ ‏ ‏مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا
    قَالُوا وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ الْحَدِيثِ وَبَعْضُ
    حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ
    بَعْضٍ الَّذِي ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏عُرْوَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ
    اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏
    ‏زَوْجَ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَتْ :‏

    "كَانَ
    رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذَا أَرَادَ
    أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ
    سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ ‏ ‏مَعَهُ قَالَتْ ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي
    غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏
    ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ
    فَأَنَا أُحْمَلُ فِي ‏ ‏هَوْدَجِي ‏ ‏وَأُنْزَلُ فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى
    إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏
    ‏مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ ‏ ‏وَقَفَلَ ‏ ‏وَدَنَوْنَا ‏ ‏مِنْ ‏
    ‏الْمَدِينَةِ ‏ ‏قَافِلِينَ ‏ ‏آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ
    حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ
    فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى ‏ ‏رَحْلِي ‏ ‏فَإِذَا عِقْدٌ
    لِي مِنْ ‏ ‏جَزْعِ ‏ ‏ظَفَارِ ‏ ‏قَدْ انْقَطَعَ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي
    وَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ ‏ ‏الرَّهْطُ ‏ ‏الَّذِينَ كَانُوا
    يَرْحَلُونَ لِي فَاحْتَمَلُوا ‏ ‏هَوْدَجِي ‏ ‏فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي
    الَّذِي كُنْتُ رَكِبْتُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ وَكَانَ
    النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا
    تَأْكُلُ الْعُلْقَةَ مِنْ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرْ الْقَوْمُ
    خِفَّةَ ‏ ‏الْهَوْدَجِ ‏ ‏حِينَ رَفَعُوهُ وَكُنْتُ
    جَارِيَةً ‏ ‏ حَدِيثَةَ
    السِّنِّ
    فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا فَوَجَدْتُ عِقْدِي
    بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا
    دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي ‏ ‏الَّذِي كُنْتُ بِهِ
    وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا
    أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وَكَانَ ‏
    ‏صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ ‏ ‏مِنْ
    وَرَاءِ الْجَيْشِ ‏ ‏فَأَدْلَجَ ‏ ‏فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى
    سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي وَكَانَ
    رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ ‏ ‏بِاسْتِرْجَاعِهِ ‏ ‏حِينَ
    عَرَفَنِي ‏ ‏فَخَمَّرْتُ ‏ ‏وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَ وَاللَّهِ مَا
    كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ ‏
    ‏اسْتِرْجَاعِهِ ‏ ‏حَتَّى ‏ ‏أَنَاخَ ‏ ‏رَاحِلَتَهُ ‏ ‏فَوَطِئَ عَلَى
    يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي ‏ ‏الرَّاحِلَةَ ‏
    ‏حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا ‏ ‏مُوغِرِينَ ‏ ‏فِي ‏
    ‏نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ‏ ‏فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى ‏
    ‏الْإِفْكَ ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ ‏ ‏فَقَدِمْنَا ‏
    ‏الْمَدِينَةَ ‏ ‏فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا وَالنَّاسُ
    يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ ‏ ‏الْإِفْكِ ‏ ‏لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ
    مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ
    رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏اللَّطَفَ
    الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ
    رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَيُسَلِّمُ
    ثُمَّ يَقُولُ ‏ ‏كَيْفَ ‏ ‏تِيكُمْ ‏ ‏ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَذَاكَ الَّذِي
    يَرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا ‏
    ‏نَقَهْتُ ‏ ‏فَخَرَجَتْ مَعِي ‏ ‏أُمُّ مِسْطَحٍ ‏ ‏قِبَلَ ‏
    ‏الْمَنَاصِعِ ‏ ‏وَهُوَ ‏ ‏مُتَبَرَّزُنَا ‏ ‏وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ
    إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ ‏ ‏الْكُنُفَ ‏
    ‏قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا وَأَمْرُنَا أَمْرُ ‏ ‏الْعَرَبِ ‏ ‏الْأُوَلِ
    فِي التَّبَرُّزِ قِبَلَ ‏ ‏الْغَائِطِ ‏ ‏فَكُنَّا نَتَأَذَّى ‏
    ‏بِالْكُنُفِ ‏ ‏أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا ‏
    ‏وَأُمُّ مِسْطَحٍ ‏ ‏وَهِيَ ابْنَةُ ‏ ‏أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ
    ‏ ‏وَأُمُّهَا بِنْتُ ‏ ‏صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ ‏ ‏خَالَةُ ‏ ‏أَبِي بَكْرٍ
    الصِّدِّيقِ ‏ ‏وَابْنُهَا ‏ ‏مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ ‏ ‏فَأَقْبَلْتُ
    أَنَا ‏ ‏وَأُمُّ مِسْطَحٍ ‏ ‏قِبَلَ بَيْتِي وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ
    شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ ‏ ‏أُمُّ مِسْطَحٍ ‏ ‏فِي ‏ ‏مِرْطِهَا ‏ ‏فَقَالَتْ
    تَعِسَ ‏ ‏مِسْطَحٌ ‏ ‏فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ
    رَجُلًا شَهِدَ ‏ ‏بَدْرًا ‏ ‏قَالَتْ أَيْ ‏ ‏هَنْتَاهْ أَوَلَمْ
    تَسْمَعِي مَا قَالَ قَالَتْ قُلْتُ وَمَا قَالَ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ
    أَهْلِ ‏ ‏الْإِفْكِ ‏ ‏فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي فَلَمَّا
    رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى
    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏تَعْنِي سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ ‏
    ‏تِيكُمْ ‏ ‏فَقُلْتُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ قَالَتْ وَأَنَا
    حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا قَالَتْ
    فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏
    ‏فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي يَا ‏ ‏أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ
    النَّاسُ قَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا
    كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا
    ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا قَالَتْ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ
    أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ
    اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا ‏ ‏يَرْقَأُ ‏ ‏لِي دَمْعٌ وَلَا ‏
    ‏أَكْتَحِلُ ‏ ‏بِنَوْمٍ حَتَّى أَصْبَحْتُ أَبْكِي فَدَعَا رَسُولُ
    اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَلِيَّ بْنَ أَبِي
    طَالِبٍ ‏ ‏وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏حِينَ ‏
    ‏اسْتَلْبَثَ ‏ ‏الْوَحْيُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ
    قَالَتْ فَأَمَّا ‏ ‏أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ‏ ‏فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ
    اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ
    بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنْ
    الْوُدِّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا
    خَيْرًا وَأَمَّا ‏ ‏عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ‏ ‏فَقَالَ يَا رَسُولَ
    اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ
    وَإِنْ تَسْأَلْ ‏ ‏الْجَارِيَةَ ‏ ‏تَصْدُقْكَ قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ
    اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَرِيرَةَ ‏ ‏فَقَالَ
    أَيْ ‏ ‏بَرِيرَةُ ‏ ‏هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ قَالَتْ ‏
    ‏بَرِيرَةُ ‏ ‏لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا
    أَمْرًا ‏ ‏أَغْمِصُهُ ‏ ‏عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا ‏ ‏جَارِيَةٌ ‏
    ‏حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي ‏
    ‏الدَّاجِنُ ‏ ‏فَتَأْكُلُهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَاسْتَعْذَرَ يَوْمَئِذٍ مِنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ
    بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ‏ ‏قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى
    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَا مَعْشَرَ
    الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي
    أَهْلِ بَيْتِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا
    وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا
    كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي فَقَامَ ‏ ‏سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ
    الْأَنْصَارِيُّ ‏ ‏فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ
    إِنْ كَانَ مِنْ ‏ ‏الْأَوْسِ ‏ ‏ضَرَبْتُ عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ
    إِخْوَانِنَا مِنْ ‏ ‏الْخَزْرَجِ ‏ ‏أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ
    قَالَتْ فَقَامَ ‏ ‏سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ‏ ‏وَهُوَ سَيِّدُ ‏
    ‏الْخَزْرَجِ ‏ ‏وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ
    احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ ‏ ‏لِسَعْدٍ ‏ ‏كَذَبْتَ لَعَمْرُ
    اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَامَ ‏ ‏أُسَيْدُ
    بْنُ حُضَيْرٍ ‏ ‏وَهُوَ ابْنُ عَمِّ ‏ ‏سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ‏ ‏فَقَالَ ‏
    ‏لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ‏ ‏كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ
    فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ فَتَثَاوَرَ
    الْحَيَّانِ ‏ ‏الْأَوْسُ ‏ ‏وَالْخَزْرَجُ ‏ ‏حَتَّى هَمُّوا أَنْ
    يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏
    ‏قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى
    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ
    قَالَتْ فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لَا ‏ ‏يَرْقَأُ ‏ ‏لِي دَمْعٌ وَلَا ‏
    ‏أَكْتَحِلُ ‏ ‏بِنَوْمٍ قَالَتْ فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي وَقَدْ
    بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا ‏ ‏أَكْتَحِلُ ‏ ‏بِنَوْمٍ وَلَا ‏
    ‏يَرْقَأُ ‏ ‏لِي دَمْعٌ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي
    قَالَتْ فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي
    فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنْ ‏ ‏الْأَنْصَارِ ‏ ‏فَأَذِنْتُ
    لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ
    دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏
    ‏فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا
    قِيلَ قَبْلَهَا وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي
    قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    ‏ ‏حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏فَإِنَّهُ
    قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً
    فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ ‏ ‏أَلْمَمْتِ ‏ ‏بِذَنْبٍ
    فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا
    اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ
    قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ ‏ ‏مَقَالَتَهُ ‏ ‏قَلَصَ ‏ ‏دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ
    قَطْرَةً فَقُلْتُ لِأَبِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِيمَا قَالَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا
    أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏
    ‏فَقُلْتُ لِأُمِّي أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَتْ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى
    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا ‏ ‏جَارِيَةٌ ‏
    ‏حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنْ الْقُرْآنِ إِنِّي
    وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى
    اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ
    إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي
    بِذَلِكَ وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي
    مِنْهُ بَرِيئَةٌ ‏ ‏لَتُصَدِّقُنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلًا
    إِلَّا قَوْلَ ‏ ‏أَبِي يُوسُفَ ‏ ‏قَالَ ‏


    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك %7B فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا
    تَصِفُونَ ‏
    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك %7D

    قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ
    فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي
    بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا
    كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى
    وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ
    فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ
    اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي النَّوْمِ رُؤْيَا
    يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا ‏ ‏رَامَ ‏ ‏رَسُولُ
    اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ
    أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ
    يَأْخُذُهُ مِنْ ‏ ‏الْبُرَحَاءِ ‏ ‏حَتَّى إِنَّهُ ‏ ‏لَيَتَحَدَّرُ ‏
    ‏مِنْهُ مِثْلُ ‏ ‏الْجُمَانِ ‏ ‏مِنْ الْعَرَقِ وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ
    مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي يُنْزَلُ عَلَيْهِ قَالَتْ فَلَمَّا ‏
    ‏سُرِّيَ ‏ ‏عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏
    ‏سُرِّيَ ‏ ‏عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَتْ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ
    بِهَا يَا ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏أَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ
    فَقَالَتْ أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ قَالَتْ فَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ لَا
    أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَأَنْزَلَ
    اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏


    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك %7B إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا ‏ ‏بِالْإِفْكِ ‏ ‏عُصْبَةٌ ‏
    ‏مِنْكُمْ لَا ‏ ‏تَحْسِبُوهُ ‏
    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك %7D

    الْعَشْرَ الْآيَاتِ كُلَّهَا
    فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ
    الصِّدِّيقُ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى ‏
    ‏مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ‏ ‏لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ
    لَا أُنْفِقُ عَلَى ‏ ‏مِسْطَحٍ ‏ ‏شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ ‏
    ‏لِعَائِشَةَ ‏ ‏مَا قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ‏


    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك %7B وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ
    أَنْ يُؤْتُوا أُولِي ‏ ‏الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ ‏ ‏وَالْمُهَاجِرِينَ ‏
    ‏فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ
    يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ‏
    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك %7D

    قَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏بَلَى
    وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ إِلَى ‏
    ‏مِسْطَحٍ ‏ ‏النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ
    وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا قَالَتْ ‏ ‏عَائِشَةُ ‏ ‏وَكَانَ
    رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَسْأَلُ ‏
    ‏زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ ‏ ‏عَنْ أَمْرِي فَقَالَ يَا ‏ ‏زَيْنَبُ ‏
    ‏مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي
    سَمْعِي وَبَصَرِي مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا قَالَتْ وَهِيَ الَّتِي
    كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ ‏ ‏وَطَفِقَتْ ‏
    ‏أُخْتُهَا ‏ ‏حَمْنَةُ ‏ ‏تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ
    أَصْحَابِ ‏ ‏الْإِفْكِ"

    صحيح البخاري /كتاب:تفسير القرآن /باب:لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا
    /
    الست المصريه
    الست المصريه
    المديره العامه
    المديره العامه


    عدد المساهمات : 479
    تاريخ التسجيل : 10/02/2010

    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك Empty رد: حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك

    مُساهمة من طرف الست المصريه السبت أبريل 17, 2010 11:29 am

    السلام
    عليكم ورحمة الله وبركاته

    الشرح
    من فتح الباري بشرح صحيح البخاري


    ‏قَوْله (
    كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ
    يَخْرُج ) ‏
    ‏زَادَ مَعْمَر " سَفَرًا " أَيْ إِلَى سَفَر , فَهُوَ
    مَنْصُوب بِنَزْعِ الْخَافِض أَوْ ضُمِّنَ يَخْرُج مَعْنَى يُنْشِئ
    فَيَكُون سَفَرًا نَصْبًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّة , وَفِي رِوَايَة
    فُلَيْحٍ وَصَالِح بْن كَيْسَانَ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا . ‏

    ‏قَوْله : ( أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجه ) ‏
    ‏فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْقُرْعَة وَالرَّدّ عَلَى
    مَنْ مَنَعَ مِنْهَا , وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّعْرِيف بِهَا وَحُكْمهَا فِي
    أَوَاخِر كِتَاب الشَّهَادَات فِي " بَاب الْقُرْعَة فِي الْمُشْكِلَات " .


    ‏قَوْله : ( فَأَيَّتُهُنَّ ) ‏
    ‏وَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيِّ مِنْ طَرِيق
    فُلَيْحٍ " فَأَيُّهُنَّ " بِغَيْرِ مُثَنَّاة وَالْأُولَى أَوْلَى . ‏

    ‏قَوْله : ( فِي غَزْوَة غَزَاهَا ) ‏
    ‏هِيَ غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ
    مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي رِوَايَته , وَكَذَا أَفْلَح بْن عَبْد اللَّه
    عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ , وَعِنْدَهُ فِي رِوَايَة أَبِي أُوَيْس "
    فَخَرَجَ سَهْم عَائِشَة فِي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق مِنْ خُزَاعَة "
    وَعِنْدَ الْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " فَأَصَابَتْ عَائِشَة
    الْقُرْعَة فِي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق " وَفِي رِوَايَة بَكْر بْن
    وَائِل عِنْدَ أَبِي عَوَانَة مَا يُشْعِر بِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْغَزْوَة
    فِي حَدِيث عَائِشَة مُدْرَج فِي الْخَبَر . ‏

    ‏قَوْله : ( فَخَرَجَ سَهْمِي ) ‏
    ‏هَذَا يُشْعِر بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي تِلْكَ
    الْغَزْوَة وَحْدَهَا , لَكِنْ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ مِنْ طَرِيق عَبَّاد
    بْن عَبْد اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَة
    أَيْضًا أُمّ سَلَمَة , وَكَذَا فِي حَدِيث اِبْن عُمَر , وَهُوَ ضَعِيفٌ ,
    وَلَمْ يَقَع لِأُمِّ سَلَمَة فِي تِلْكَ الْغَزْوَة ذِكْر , وَرِوَايَة
    اِبْن إِسْحَاق مِنْ رِوَايَة عَبَّاد ظَاهِرَة فِي تَفَرُّد عَائِشَة
    بِذَلِكَ وَلَفْظه " فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ , فَخَرَجَ بِي مَعَهُ "
    . ‏

    ‏قَوْله : ( بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ ) ‏
    ‏أَيْ بَعْدَمَا نَزَلَ الْأَمْر بِالْحِجَابِ ,
    وَالْمُرَاد حِجَاب النِّسَاء عَنْ رُؤْيَة الرِّجَال لَهُنَّ , وَكُنَّ
    قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعْنَ , وَهَذَا قَالَتْهُ كَالتَّوْطِئَةِ
    لِلسَّبَبِ فِي كَوْنهَا كَانَتْ مُسْتَتِرَةً فِي الْهَوْدَج حَتَّى
    أَفْضَى ذَلِكَ إِلَى تَحْمِيلِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ فِيهِ وَهُمْ يَظُنُّونَ
    أَنَّهَا فِيهِ , بِخِلَافِ مَا كَانَ قَبْلَ الْحِجَاب , فَلَعَلَّ
    النِّسَاء حِينَئِذٍ كُنَّ يَرْكَبْنَ ظُهُور الرَّوَاحِل بِغَيْرِ
    هَوَادِج , أَوْ يَرْكَبْنَ الْهَوَادِج غَيْر مُسْتَتِرَات , فَمَا كَانَ
    يَقَع لَهَا الَّذِي يَقَع , بَلْ كَانَ يَعْرِف الَّذِي كَانَ يَخْدُم
    بَعِيرَهَا إِنْ كَانَتْ رَكِبَتْ أَمْ لَا . ‏

    ‏قَوْله : ( فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ ) ‏
    ‏فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " فَكُنْت إِذَا
    رَحَّلُوا بَعِيرِي جَلَسْت فِي هَوْدَجِي ثُمَّ يَأْخُذُونَ بِأَسْفَلِ
    الْهَوْدَج فَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْر الْبَعِير " وَالْهَوْدَج بِفَتْحِ
    الْهَاء وَالدَّال بَيْنَهُمَا وَاو سَاكِنَة وَآخِرُهُ جِيمٌ : مَحْمِل
    لَهُ قُبَّة تُسْتَر بِالثِّيَابِ وَنَحْوه , يُوضَع عَنْ ظَهْر الْبَعِير
    يَرْكَب عَلَيْهِ النِّسَاء لِيَكُونَ أَسْتَر لَهُنَّ . وَوَقَعَ فِي
    رِوَايَة أَبِي أُوَيْس بِلَفْظِ " الْمِحَفَّة " . ‏

    ‏قَوْله : ( فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ ) ‏
    ‏كَذَا اِقْتَصَرَتْ الْقِصَّة , لِأَنَّ مُرَاد
    سِيَاق قِصَّة الْإِفْك خَاصَّةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرْت مَا ذَكَرْت ذَلِكَ
    كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا أَرَادَتْ اِقْتِصَاصه , وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون
    ذَكَرَتْ جَمِيع ذَلِكَ فَاخْتَصَرَهُ الرَّاوِي لِلْغَرَضِ الْمَذْكُور ,
    وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْهَا فِي قِصَّة غَزْوَة بَنِي
    الْمُصْطَلِق أَحَادِيث غَيْر هَذَا , وَيُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّ فِي
    رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَبَّاد " قُلْت لِعَائِشَةَ : يَا أُمَّتَاهُ
    حَدِّثِينَا عَنْ قِصَّة الْإِفْك , قَالَتْ : نَعَمْ " وَعِنْدَهُ "
    فَخَرَجْنَا فَغَنَّمَهُ اللَّه أَمْوَالهمْ وَأَنْفُسهمْ وَرَجَعْنَا " . ‏

    ‏قَوْله : ( وَقَفَلَ ) ‏
    ‏بِقَافٍ وَفَاء أَيْ رَجَعَ مِنْ غَزْوَته .

    ‏قَوْله : ( وَدَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَة قَافِلِينَ ) ‏
    ‏أَيْ رَاجِعِينَ , أَيْ أَنَّ قِصَّتهَا وَقَعَتْ
    حَالَ رُجُوعهمْ مِنْ الْغَزْوَة قُرْبَ دُخُولهمْ الْمَدِينَة . ‏

    ‏قَوْله : ( آذَنَ ) ‏
    ‏بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيف وَبِغَيْرِ مَدّ
    وَالتَّشْدِيد كِلَاهُمَا بِمَعْنَى أَعْلَمَ بِالرَّحِيلِ , وَفِي
    رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَبَاتَ بِهِ بَعْض اللَّيْل
    ثُمَّ آذَنَ بِالرَّحِيلِ " . ‏

    ‏قَوْله : ( بِالرَّحِيلِ ) ‏
    ‏فِي رِوَايَة بَعْضهمْ " الرَّحِيل " بِغَيْرِ
    مُوَحَّدَة وَبِالنَّصْبِ , وَكَأَنَّهُ حِكَايَة قَوْلهمْ : " الرَّحِيلَ "
    بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاء . ‏

    ‏قَوْله : ( فَمَشَيْت حَتَّى جَاوَزْت الْجَيْشَ ) ‏
    ‏أَيْ لِتَقْضِي حَاجَتهَا مُنْفَرِدَة . ‏

    ‏قَوْله : ( فَلَمَّا قَضَيْت شَأْنِي ) ‏
    ‏الَّذِي تَوَجَّهْت بِسَبَبِهِ , وَوَقَعَ فِي حَدِيث
    اِبْن عُمَر خِلَاف مَا فِي الصَّحِيح , وَأَنَّ سَبَب تَوَجُّههَا
    لِقَضَاءِ حَاجَتهَا أَنَّ رَحْل أُمّ سَلَمَة مَال فَأَنَاخُوا بَعِيرهَا
    لِيُصْلِحُوا رَحْلهَا قَالَتْ عَائِشَة : " فَقُلْت إِلَى أَنْ يُصْلِحُوا
    رَحْلهَا قَضَيْت حَاجَتِي , فَتَوَجَّهْت وَلَمْ يَعْلَمُوا بِي
    فَقَضَيْت حَاجَتِي , فَانْقَطَعَتْ قِلَادَتِي فَأَقَمْت فِي جَمْعهَا
    وَنِظَامهَا , وَبَعَثَ الْقَوْم إِبِلهمْ وَمَضَوْا وَلَمْ يَعْلَمُوا
    بِنُزُولِي " وَهَذَا شَاذّ مُنْكَر . ‏

    ‏قَوْله : ( عِقْد ) ‏
    ‏بِكَسْرِ الْعَيْن قِلَادَة تُعَلَّق فِي
    الْعُنُق لِلتَّزَيُّنِ بِهَا .


    ‏قَوْله : ( مِنْ جَزْع ) ‏
    ‏بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون الزَّاي بَعْدَهَا
    مُهْمَلَة : خَرَز مَعْرُوف فِي سَوَاده بَيَاض كَالْعُرُوقِ , قَالَ اِبْن
    الْقَطَّاع : هُوَ وَاحِد لَا جَمْع لَهُ , وَقَالَ اِبْن سِيدَهْ : هُوَ
    جَمْع وَاحِدَة جَزِعَة وَهُوَ بِالْفَتْحِ , فَأَمَّا الْجِزَع
    بِالْكَسْرِ فَهُوَ جَانِب الْوَادِي , وَنَقَلَ كُرَاع أَنَّ جَانِب
    الْوَادِي بِالْكَسْرِ فَقَطْ وَأَنَّ الْآخَر يُقَال بِالْفَتْحِ
    وَبِالْكَسْرِ , وَأَغْرَبَ اِبْن التِّين فَحَكَى فِيهِ الضَّمّ , قَالَ
    التِّيفَاشِيّ : يُوجَد فِي مَعَادِن الْعَقِيق وَمِنْهُ مَا يُؤْتَى بِهِ
    مِنْ الصِّين , قَالَ : وَلَيْسَتْ فِي الْحِجَارَة أَصْلَب جِسْمًا مِنْهُ
    , وَيَزْدَاد حُسْنه إِذَا طُبِخَ بِالزَّيْتِ لَكِنَّهُمْ لَا
    يَتَيَمَّنُونَ بِلُبْسِهِ وَيَقُولُونَ : مَنْ تَقَلَّدَهُ كَثُرَتْ
    هُمُومه وَرَأَى مَنَامَات رَدِيئَة , وَإِذَا عُلِّقَ عَلَى طِفْل سَالَ
    لُعَابه . وَمِنْ مَنَافِعه إِذَا أُمِرَّ عَلَى شَعْر الْمُطْلَقَة
    سَهُلَتْ وِلَادَتهَا . ‏

    ‏قَوْله : ( جَزْع أَظْفَار ) ‏
    ‏كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَظْفَار بِزِيَادَةِ
    أَلِف , وَكَذَا فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ . لَكِنْ فِي رِوَايَة
    الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ طَرِيقه " ظَفَار " وَكَذَا فِي رِوَايَة مَعْمَر
    وَصَالِح , وَقَالَ اِبْن بَطَّال : الرِّوَايَة " أَظْفَار " بِأَلِفٍ ,
    وَأَهْل اللُّغَة لَا يَعْرِفُونَهُ بِأَلِفٍ وَيَقُولُونَ : " ظَفَار "
    قَالَ اِبْن قُتَيْبَة : جَزْع ظَفَارِي . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَقَعَ
    فِي بَعْض رِوَايَات مُسْلِم " أَظْفَار " وَهِيَ خَطَأ . قُلْت :
    لَكِنَّهَا فِي , أَكْثَر رِوَايَات أَصْحَاب الزُّهْرِيّ , حَتَّى إِنَّ
    فِي رِوَايَة صَالِح بْن أَبِي الْأَخْضَر عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ جَزْع
    الْأَظَافِير " فَأَمَّا ظَفَار بِفَتْحِ الظَّاء الْمُعْجَمَة ثُمَّ فَاء
    بَعْدَهَا رَاء مَبْنِيَّة عَلَى الْكَسْر فَهِيَ مَدِينَة بِالْيَمَنِ ,
    وَقِيلَ جَبَل , وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِهِ الْمَدِينَة وَهِيَ فِي أَقْصَى
    الْيَمَن إِلَى جِهَة الْهِنْد , وَفِي الْمِثْل " مَنْ دَخَلَ ظَفَار
    حَمَّرَ " أَيْ تَكَلَّمَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ , لِأَنَّ أَهْلهَا كَانُوا
    مِنْ حِمْيَر وَإِنْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَة أَنَّ جَزْع أَظْفَار فَلَعَلَّ
    عِقْدَهَا كَانَ مِنْ الظُّفْر أَحَد أَنْوَاع الْقُسْط وَهُوَ طَيِّب
    الرَّائِحَة يُتبَخَّر بِهِ , فَلَعَلَّهُ عَمِلَ مِثْل الْخَرَز
    فَأَطْلَقَتْ عَلَيْهِ جَزْعًا تَشْبِيهًا بِهِ وَنَظَمَتْهُ قِلَادَة
    إِمَّا لِحُسْنِ لَوْنه أَوْ لِطِيبِ رِيحه , وَقَدْ حَكَى اِبْن التِّين
    أَنَّ قِيمَته كَانَتْ اِثَّنَى عَشَرَ دِرْهَمًا , وَهَذَا يُؤَيِّد
    أَنَّهُ لَيْسَ جَزَعًا ظَفَارِيًّا إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَتْ
    قِيمَته أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ "
    فَكَانَ فِي عُنُقِي عِقْد مِنْ جَزْع ظَفَار كَانَتْ أُمِّي أَدْخَلَتْنِي
    بِهِ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " . ‏

    ‏قَوْله : ( فَلَمَّا قَضَيْت شَأْنِي ) ‏
    ‏أَيْ فَرَغْت مِنْ قَضَاء حَاجَتِي ( أَقْبَلْت إِلَى
    رَحْلِي ) أَيْ رَجَعْت إِلَى الْمَكَان الَّذِي كَانَتْ نَازِلَة فِيهِ . ‏

    ‏قَوْله : ( فَإِذَا عِقْد لِي ) ‏
    ‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " فَلَمَسْت صَدْرِي فَإِذَا
    عِقْدِي " .


    ‏قَوْله : ( قَدْ اِنْقَطَعَ ) ‏
    ‏فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق " قَدْ اِنْسَلَّ مِنْ
    عُنُقِي وَأَنَا لَا أَدْرِي " . ‏

    ‏قَوْله : ( فَالْتَمَسْت عِقْدِي ) ‏
    ‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " فَرَجَعْت فَالْتَمَسْت
    وَحَبَسَنِي اِبْتِغَاؤُهُ " أَيْ طَلَبه , فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق "
    فَرَجَعْت عَوْدِي عَلَى بَدْئِي إِلَى الْمَكَان الَّذِي ذَهَبْت إِلَيْهِ
    " وَفِي رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ " وَكُنْت أَظُنّ أَنَّ الْقَوْم لَوْ
    لَبِثُوا شَهْرًا لَمْ يَبْعَثُوا بَعِيرِي حَتَّى أَكُون فِي هَوْدَجِي " .


    ‏قَوْله : ( وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ ) ‏
    ‏هُوَ عَدَد مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة وَقِيلَ
    ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل الْكِتَاب فِي حَدِيث أَبِي سُفْيَان
    الطَّوِيل . وَلَمْ أَعْرِف مِنْهُمْ هُنَا أَحَدًا إِلَّا أَنَّ فِي
    رِوَايَة الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَحَدهمْ أَبُو مَوْهُوبَةَ مَوْلَى رَسُول
    اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ أَبُو مُوَيْهِبَةَ
    الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ حَدِيثًا فِي
    مَرَض رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاته
    أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَغَيْره , قَالَ الْبَلَاذُرِيّ : شَهِدَ أَبُو
    مُوَيْهِبَةَ غَزْوَة الْمُرَيْسِيع , وَكَانَ يَخْدُم بَعِير عَائِشَة ,
    وَكَانَ مِنْ مُوَلَّدِي بَنِي مُزَيْنَةَ . وَكَأَنَّهُ فِي الْأَصْل
    أَبُو مَوْهُوبَة وَيُصَغَّر فَيُقَال أَبُو مُوَيْهِبَةَ . ‏

    ‏قَوْله : ( يَرْحَلُونَ ) ‏
    ‏بِفَتْحِ أَوَّله وَالتَّخْفِيف , رَحَلْت الْبَعِير
    إِذَا شَدَدْت عَلَيْهِ الرَّحْل . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ هُنَا
    بِالتَّشْدِيدِ فِي هَذَا وَفِي " فَرَحَلُوهُ " .


    ‏قَوْله : ( لِي ) ‏
    ‏فِي رِوَايَة مَعْمَر " بِي " وَحَكَى النَّوَوِيّ
    عَنْ أَكْثَر نُسَخ صَحِيح مُسْلِم " يَرْحَلُونَ لِي " قَالَ : وَهُوَ
    أَجْوَد , وَقَالَ غَيْره بِالْبَاءِ أَجْوَد لِأَنَّ الْمُرَاد وَضْعهَا
    وَهِيَ فِي الْهَوْدَج فَشَبَّهَتْ الْهَوْدَج الَّذِي هِيَ فِيهِ
    بِالرَّحْلِ الَّذِي يُوضَع عَلَى الْبَعِير . ‏

    ‏قَوْله : ( فَرَحَلُوهُ ) ‏
    ‏أَيْ وَضَعُوهُ , وَفِيهِ تَجَوُّز وَإِنَّمَا
    الرَّحْل هُوَ الَّذِي يُوضَع عَلَى ظَهْر الْبَعِير ثُمَّ يُوضَع
    الْهَوْدَج فَوْقَهُ . ‏

    ‏قَوْله : ( وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا ) ‏
    ‏قَالَتْ : هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهَا : "
    وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ " .


    ‏قَوْله : ( لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْم ) ‏
    ‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " لَمْ يُثْقِلْهُنَّ وَلَمْ
    يَغْشَهُنَّ اللَّحْم " قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : لَيْسَ هَذَا
    تَكْرَارًا لِأَنَّ كُلّ سَمِين ثَقِيل مِنْ غَيْر عَكْس , لِأَنَّ
    الْهَزِيل قَدْ يَمْتَلِئ بَطْنُهُ طَعَامًا فَيَقِلّ بَدَنه , فَأَشَارَتْ
    إِلَى أَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ لَمْ يَكُونَا فِي نِسَاء ذَلِكَ الزَّمَان .
    وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى قَوْلهَا : " لَمْ يَغْشَهُنَّ " أَيْ
    لَمْ يَكْثُر عَلَيْهِنَّ فَيَرْكَب بَعْضُهُ بَعْضًا , وَفِي رِوَايَة
    مَعْمَر " لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ " وَضَبَطَهُ اِبْن الْخَشَّاب فِيمَا
    حَكَاهُ اِبْن الْجَوْزِيّ بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون الْهَاء وَكَسْر
    الْمُوَحَّدَة , وَمِثْله الْقُرْطُبِيّ لَكِنْ قَالَ : وَضَمّ
    الْمُوَحَّدَة , قَالَ : لِأَنَّ مَاضِيه بِفَتْحَتَيْنِ مُخَفَّفًا ,
    وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْمَشْهُور فِي ضَبْطه بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح
    الْهَاء وَتَشْدِيد الْمُوَحَّدَة , وَبِفَتْحِ أَوَّله وَثَالِثه أَيْضًا ,
    وَبِضَمِّ أَوَّله وَكَسْر ثَالِثه مِنْ الرُّبَاعِيّ , يُقَال هَبَّلَهُ
    اللَّحْم وَأَهْبَلَهُ إِذَا أَثْقَلَهُ , وَأَصْبَحَ فُلَان مُهَبَّلًا
    أَيْ كَثِير اللَّحْم أَوْ وَارِمَ الْوَجْه . قُلْت : وَفِي رِوَايَة
    اِبْن جُرَيْجٍ " لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ اللَّحْم " وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ
    أَنَّهَا فِي رِوَايَة لِابْنِ الْحَذَّاء فِي مُسْلِم أَيْضًا , وَأَشَارَ
    إِلَيْهَا اِبْن الْجَوْزِيّ وَقَالَ : الْمُهَبَّل الْكَثِير اللَّحْم
    الثَّقِيل الْحَرَكَة مِنْ السِّمَن , وَفُلَان مُهَبَّل أَيْ مُهَيَّج
    كَأَنَّ بِهِ وَرَمًا . ‏

    ‏قَوْله : ( إِنَّمَا يَأْكُلْنَ ) ‏
    ‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَفِي رِوَايَة
    الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا " إِنَّمَا نَأْكُل " بِالنُّونِ أَوَّله
    وَبِاللَّامِ فَقَطْ . ‏

    ‏قَوْله : ( الْعُلْقَة ) ‏
    ‏بِضَمِّ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَسُكُون
    اللَّام ثُمَّ قَاف أَيْ الْقَلِيل , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : كَأَنَّ
    الْمُرَاد الشَّيْء الْقَلِيل الَّذِي يُسَكِّنُ الرَّمَق , كَذَا قَالَ .
    وَقَدْ قَالَ الْخَلِيل : الْعُلْقَة مَا فِيهِ بُلْغَة مِنْ الطَّعَام
    إِلَى وَقْت الْغَدَاء , حَكَاهُ اِبْن بَطَّال قَالَ : وَأَصْلهَا شَجَر
    يَبْقَى فِي الشِّتَاء تَتَبَلَّغ بِهِ الْإِبِل حَتَّى يَدْخُل زَمَن
    الرَّبِيع . ‏

    ‏قَوْله : ( فَلَمْ يَسْتَنْكِر الْقَوْم خِفَّة الْهَوْدَج ) ‏
    ‏وَقَعَ فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ وَمَعْمَر " ثِقَل
    الْهَوْدَج " وَالْأَوَّل أَوْضَح لِأَنَّ مُرَادهَا إِقَامَة عُذْرهمْ فِي
    تَحْمِيل هَوْدَجَهَا وَهِيَ لَيْسَتْ فِيهِ فَكَأَنَّهَا تَقُول :
    كَأَنَّهَا لِخِفَّةِ جِسْمهَا بِحَيْثُ إِنَّ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ
    هَوْدَجهَا لَا فَرْق عِنْدَهُمْ بَيْنَ وُجُودهَا فِيهِ وَعَدَمهَا ,
    وَلِهَذَا أَرْدَفَتْ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا : " وَكُنْت جَارِيَة حَدِيثَةَ
    السِّنّ " أَيْ أَنَّهَا مَعَ نَحَافَتهَا صَغِيرَة السِّنّ فَذَلِكَ
    أَبْلَغ فِي خِفَّتهَا , وَقَدْ وُجِّهَتْ الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِأَنَّ
    الْمُرَاد لَمْ يَسْتَنْكِرُوا الثِّقَل الَّذِي اِعْتَادُوهُ , لِأَنَّ
    ثِقَله فِي الْأَصْل إِنَّمَا هُوَ مِمَّا رَكِبَ الْهَوْدَج مِنْهُ مِنْ
    خَشَب وَحِبَال وَسُتُور وَغَيْر ذَلِكَ , وَأَمَّا هِيَ فَلِشِدَّةِ
    نَحَافَتهَا كَانَ لَا يَظْهَر بِوُجُودِهَا فِيهِ زِيَادَة ثِقَل ,
    وَالْحَاصِل أَنَّ الثِّقَل وَالْخِفَّة مِنْ الْأُمُور الْإِضَافِيَّة
    فَيَتَفَاوَتَانِ بِالنِّسْبَةِ , وَيُسْتَفَاد مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ
    الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ بَعِيرهَا كَانُوا فِي غَايَة الْأَدَب
    مَعَهَا وَالْمُبَالَغَة فِي تَرْك التَّنْقِيب عَمَّا فِي الْهَوْدَج
    بِحَيْثُ إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهَا فِيهِ ,
    وَكَأَنَّهُمْ جَوَّزُوا أَنَّهَا نَائِمَة . ‏

    ‏قَوْله : ( وَكُنْت جَارِيَة حَدِيثَة السِّنّ ) ‏
    ‏هُوَ كَمَا قَالَتْ , لِأَنَّهَا أُدْخِلَتْ عَلَى
    النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْهِجْرَة فِي شَوَّال
    وَلَهَا تِسْع سِنِينَ , وَأَكْثَر مَا قِيلَ فِي الْمُرَيْسِيع كَمَا
    سَيَأْتِي أَنَّهَا عِنْدَ اِبْن إِسْحَاق كَانَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَة
    سِتّ فَتَكُون لَمْ تُكَمِّل خَمْسَ عَشْرَةَ , فَإِنْ كَانَتْ
    الْمُرَيْسِيع قَبْلَ ذَلِكَ فَتَكُون أَصْغَر مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ
    أَشَرْت إِلَى فَائِدَة ذِكْرهَا ذَلِكَ قَبْلُ , وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون
    أَشَارَتْ بِذَلِكَ إِلَى بَيَان عُذْرهَا فِيمَا فَعَلَتْهُ مِنْ الْحِرْص
    عَلَى الْعِقْد الَّذِي اِنْقَطَعَ , وَمِنْ اِسْتِقْلَالهَا
    بِالتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَال وَتَرْك إِعْلَام أَهْلهَا
    بِذَلِكَ وَذَلِكَ لِصِغَرِ سِنّهَا وَعَدَم تَجَارِبهَا لِلْأُمُورِ
    بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ لَيْسَتْ صَغِيرَة لَكَانَتْ تَتَفَطَّنُ
    لِعَاقِبَةِ ذَلِكَ . وَقَدْ وَقَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي ضَيَاع
    الْعِقْد أَيْضًا أَنَّهَا أَعْلَمَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ فَأَقَامَ بِالنَّاسِ عَلَى غَيْر مَاء حَتَّى
    وَجَدَتْهُ وَنَزَلَتْ آيَة التَّيَمُّم بِسَبَبِ ذَلِكَ , فَظَهَرَ
    تَفَاوُت حَال مَنْ جَرَّبَ الشَّيْء وَمَنْ لَمْ يُجَرِّبهُ , وَقَدْ
    تَقَدَّمَ إِيضَاحه فِي كِتَاب التَّيَمُّم . ‏

    ‏قَوْله : ( فَبَعَثُوا الْجَمَل ) ‏
    ‏أَيْ أَثَارُوهُ . ‏

    ‏قَوْله : ( بَعْدَمَا اِسْتَمَرَّ الْجَيْشُ ) ‏
    ‏أَيْ ذَهَب مَاضِيًا , وَهُوَ اِسْتَفْعَلَ مِنْ
    مَرَّ . ‏

    ‏قَوْلُهُ : ( فَجِئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيب )

    ‏فِي رِوَايَة فُلَيْحٍ " وَلَيْسَ فِيهَا أَحَد "
    فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ تَسْتَصْحِب عَائِشَة مَعَهَا غَيْرهَا فَكَانَ
    أَدْعَى لِأَمْنِهَا مِمَّا يَقَع لِلْمُنْفَرِدِ وَلَكَانَتْ لَمَّا
    تَأَخَّرَتْ لِلْبَحْثِ عَنْ الْعِقْد تُرْسِل مَنْ رَافَقَهَا
    لِيَنْتَظِرُوهَا إِنْ أَرَادُوا الرَّحِيل ؟ وَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا مِنْ
    جُمْلَة مَا يُسْتَفَاد مِنْ قَوْله حَدِيثَة السِّنّ , لِأَنَّهَا لَمْ
    يَقَع لَهَا تَجْرِبَة مِثْل ذَلِكَ , وَقَدْ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا
    خَرَجَتْ لِحَاجَتِهَا تَسْتَصْحِب كَمَا سَيَأْتِي فِي قِصَّتهَا مَعَ
    أُمِّ مِسْطَح , وَقَوْله : فَأَمَمْت مَنْزِلِي بِالتَّخْفِيفِ أَيْ
    قَصَدْت , وَفِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ هُنَا بِتَشْدِيدِ الْمِيم الْأُولَى ,
    قَالَ الدَّاوُدِيُّ , : وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( وَلَا آمِّينَ
    الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) قَالَ اِبْن التِّين : هَذَا عَلَى أَنَّهُ
    بِالتَّخْفِيفِ اِنْتَهَى . وَفِي رِوَايَة صَالِح بْن كَيْسَانَ "
    فَتَيَمَّمْت " . ‏

    يتبع إن شاء الله
    الست المصريه
    الست المصريه
    المديره العامه
    المديره العامه


    عدد المساهمات : 479
    تاريخ التسجيل : 10/02/2010

    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك Empty رد: حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك

    مُساهمة من طرف الست المصريه السبت أبريل 17, 2010 11:30 am

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نواصل الشرح من فتح الباري
    ‏قوله : (
    وظننت أنهم سيفقدونني ) ‏
    ‏في رواية فليح " سيفقدوني " بنون واحدة , فإما أن تكون
    حذفت تخفيفا أو هي مثقلة .


    ‏قوله : ( فيرجعون إلي ) ‏
    ‏وقع في رواية معمر " فيرجعوا " بغير نون وكأنه على لغة
    من يحذفها مطلقا . قال عياض : الظن هنا بمعنى العلم , وتعقب باحتمال أن
    يكون على بابه , فإنهم أقاموا إلى وقت الظهر ولم يرجع أحد منهم إلى المنزل
    الذي كانت به ولا نقل أن أحدا لاقاها في الطريق , لكن يحتمل أن يكونوا
    استمروا في السير إلى قرب الظهر , فلما نزلوا إلى أن يشتغلوا بحط رحالهم
    وربط رواحلهم واستصحبوا حالهم في ظنهم أنها في هودجها لم يفتقدوها إلى أن
    وصلت على قرب , ولو فقدوها لرجعوا كما ظنته . وقد وقع في رواية ابن إسحاق "
    وعرفت أن لو افتقدوني لرجعوا إلي " وهذا ظاهر في أنها لم تتبعهم , ووقع في
    حديث ابن عمر خلاف ذلك فإن فيه " فجئت فاتبعتهم حتى أعييت , فقمت على بعض
    الطريق فمر بي صفوان " وهذا السياق ليس بصحيح لمخالفته لما في الصحيح وأنها
    أقامت في منزلها إلى أن أصبحت , وكأنه تعارض عندها أن تتبعهم فلا تأمن أن
    يختلف عليها الطرق فتهلك قبل أن تدركهم , ولا سيما وقد كانت في الليل , أو
    تقيم في منزلها لعلهم إذا فقدوها عادوا إلى مكانها الذي فارقوها فيه ,
    وهكذا ينبغي لمن فقد شيئا أن يرجع بفكره القهقرى إلى الحد الذي يتحقق وجوده
    ثم يأخذ من هناك في التنقيب عليه . وأرادت بمن يفقدها من هو منها بسبب
    كزوجها أو أبيها , والغالب الأول لأنه كان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن
    يساير بعيرها ويتحدث معها فكأن ذلك لم يتفق في تلك الليلة , ولما لم يتفق
    ما توقعته من رجوعهم إليها ساق الله إليها من حملها بغير حول منها ولا قوة .


    ‏قوله : ( فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ) ‏
    , يحتمل أن يكون سبب النوم شدة الغم الذي حصل لها في
    تلك الحالة , ومن شأن الغم - وهو وقوع ما يكره - غلبة النوم , بخلاف الهم
    وهو توقع ما يكره فإنه يقتضي السهر , أو لما وقع من برد السحر لها مع رطوبة
    بدنها وصغر سنها . وعند ابن إسحاق " فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني "
    أو أن الله سبحانه وتعالى لطف بها فألقى عليها النوم لتستريح من وحشة
    الانفراد في البرية بالليل . ‏

    ‏قوله : ( وكان صفوان بن المعطل ) ‏
    ‏بفتح الطاء المهملة المشددة
    ‏( السلمي ) ‏
    ‏بضم المهملة ‏
    ‏( ثم الذكواني ) ‏
    ‏منسوب إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة - بضم الموحدة
    وسكون الهاء بعدها مثلثة - ابن سليم , وذكوان بطن من بني سليم , وكان
    صحابيا فاضلا أول مشاهده عند الواقدي الخندق وعند ابن الكلبي المريسيع ,
    وسيأتي في أثناء شرح هذا الحديث ما يدل على تقدم إسلامه , ويأتي أيضا بعد
    خمسة أبواب قول عائشة إنه قتل شهيدا في سبيل الله , ومرادها أنه قتل بعد
    ذلك لا أنه في تلك الأيام . وقد ذكر ابن إسحاق أنه استشهد في غزاة أرمينية
    في خلافة عمر سنة تسع عشرة , وقيل بل عاش إلى سنة أربع وخمسين فاستشهد بأرض
    الروم في خلافة معاوية . ‏

    ‏قوله : ( من وراء الجيش ) ‏
    ‏في رواية معمر " قد عرس من وراء الجيش " وعرس بمهملات
    مشددا أي نزل , قال أبو زيد التعريس : النزول في السفر في أي وقت كان ,
    وقال غيره : أصله النزول من آخر الليل في السفر للراحة . ووقع في حديث ابن
    عمر بيان سبب تأخر صفوان ولفظه " سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله
    على الساقة فكان إذا رحل الناس قام يصلي ثم اتبعهم فمن سقط له شيء أتاه به "
    وفي حديث أبي هريرة " وكان صفوان يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب
    والإداوة " وفي مرسل مقاتل بن حيان " فيحمله فيقدم به فيعرفه في أصحابه "
    وكذا في مرسل سعيد بن جبير نحوه . ‏

    ‏قوله : ( فأدلج فأصبح عند منزلي ) ‏
    ‏أدلج بسكون الدال في روايتنا وهو كادلج بتشديدها ,
    وقيل بالسكون سار من أوله وبالتشديد سار من آخره , وعلى هذا فيكون الذي
    هنا بالتشديد لأنه كان في آخر الليل , وكأنه تأخر في مكانه حتى قرب الصبح
    فركب ليظهر له ما يسقط من الجيش مما يخفيه الليل , ويحتمل أن يكون سبب
    تأخيره ما جرت به عادته من غلبة النوم عليه , ففي سنن أبي داود والبزار
    وابن سعد وصحيح ابن حبان والحاكم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد "
    أن امرأة صفوان بن المعطل جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :
    يا رسول الله إن زوجي يضربني إذا صليت , ويفطرني إذا صمت , ولا يصلي صلاة
    الفجر حتى تطلع الشمس . قال وصفوان عنده , فسأله فقال : أما قولها يضربني
    إذا صليت فإنها تقرأ سورتي وقد نهيتها عنها , وأما قولها يفطرني إذا صمت
    فأنا رجل شاب لا أصبر , وأما قولها إني لا أصلي حتى تطلع الشمس فأنا أهل
    بيت قد عرف لنا ذلك فلا نستيقظ حتى تطلع الشمس " الحديث قال البزار : هذا
    الحديث كلامه منكر , ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة فدلسه فصار ظاهر سنده
    الصحة , وليس للحديث عندي أصل انتهى . وما أعله به ليس بقادح , لأن ابن سعد
    صح في روايته بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح , وأما رجاله فرجال الصحيح ,
    ولما أخرجه أبو داود قال بعده : رواه حماد بن سلمة عن حميد عن ثابت عن أبي
    المتوكل عن النبي صلى الله عليه وسلم , وهذه متابعة جيدة تؤذن بأن للحديث
    أصلا , وغفل من جعل هذه الطريقة الثانية علة للطريق الأولى . وأما استنكار
    البزار ما وقع في متنه فمراده أنه مخالف للحديث الآتي قريبا من رواية أبي
    أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة الإفك قالت : فبلغ الأمر
    ذلك الرجل فقال : سبحان الله , والله ما كشفت كنف أنثى قط , أي ما جامعتها ,
    والكنف بفتحتين الثوب الساتر , ومنه قولهم : أنت في كنف الله أي في ستره ,
    والجمع بينه وبين حديث أبي سعيد على ما ذكر القرطبي أن مراده بقوله : ما
    كشفت كنف أنثى قط أي بزنا , قلت : وفيه نظر لأن في رواية سعيد بن أبي هلال
    عن هشام بن عروة في قصة الإفك " أن الرجل الذي قيل فيه ما قيل لما بلغه
    الحديث قال : والله ما أصبت امرأة قط حلالا ولا حراما " وفي حديث ابن عباس
    عند الطبراني " وكان لا يقرب النساء " فالذي يظهر أن مراده بالنفي المذكور
    ما قبل هذه القصة , ولا مانع أن يتزوج بعد ذلك . فهذا الجمع لا اعتراض عليه
    إلا بما جاء عن ابن إسحاق أنه كان حصورا , لكنه لم يثبت فلا يعارض الحديث
    الصحيح . ونقل القرطبي أنه هو الذي جاءت امرأته تشكوه ومعها ابنان لها منه
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما : " أشبه به من الغراب بالغراب " ولم
    أقف على مستند القرطبي في ذلك , وسيأتي هذا الحديث في كتاب النكاح , وأبين
    هناك أن المقول فيه ذلك غير صفوان , وهو المعتمد إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله : ( فرأى سواد إنسان نائم ) ‏
    ‏السواد بلفظ ضد البياض يطلق على الشخص أي شخص كان ,
    فكأنها قالت : رأى شخص آدمي , لكن لا يظهر أهو رجل أو امرأة . ‏

    ‏قوله : ( فعرفني حين رآني ) ‏
    ‏هذا يشعر بأن وجهها انكشف لما نامت لأنه تقدم
    أنها تلففت بجلبابها ونامت , فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية
    وجهها . ‏

    ‏قوله : ( وكان يراني قبل الحجاب ) ‏
    ‏أي قبل نزول آية الحجاب , وهذا يدل على قدم إسلام
    صفوان , فإن الحجاب كان في قول أبي عبيدة وطائفة في ذي القعدة سنة ثلاث ,
    وعند آخرين فيها سنة أربع وصححه الدمياطي , وقيل بل كان فيها سنة خمس ,
    وهذا مما تناقض فيه الواقدي فإنه ذكر أن المريسيع كان في شعبان سنة خمس وأن
    الخندق كانت في شوال منها وأن الحجاب كان في ذي القعدة منها مع روايته
    حديث عائشة هذا وتصريحها فيه بأن قصة الإفك التي وقعت في المريسيع كانت بعد
    الحجاب , وسلم من هذا ابن إسحاق فإن المريسيع عنده في شعبان لكن سنة ست ,
    وسلم الواقدي من التناقض في قصة سعد بن معاذ الآتي ذكرها , نعم وسلم منها
    ابن إسحاق فإنه لم يذكر سعد بن معاذ في القصة أصلا كما سأبينه , ومما يؤيد
    صحة ما وقع في هذا الحديث أن الحجاب كان قبل قصة الإفك قول عائشة أيضا في
    هذا الحديث : " أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عنها " وفيه "
    وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم " وفيه " وطفقت
    أختها حمنة تحارب لها " فكل ذلك دال على أن زينب كانت حينئذ زوجته , ولا
    خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بها فثبت أن الحجاب
    كان قبل قصة الإفك , وقد كنت أمليت في أوائل كتاب الوضوء أن قصة الإفك وقعت
    قبل نزول الحجاب وهو سهو والصواب بعد نزول الحجاب فليصلح هناك . ‏

    ‏قوله : ( فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ) ‏
    ‏أي بقوله إنا لله وإنا إليه راجعون , وصرح بها ابن
    إسحاق في روايته , وكأنه شق عليه ما جرى لعائشة أو خشي أن يقع ما وقع , أو
    أنه اكتفى بالاسترجاع رافعا به صوته عن مخاطبتها بكلام آخر صيانة لها عن
    المخاطبة في الجملة , وقد كان عمر يستعمل التكبير عند إرادة الإيقاظ , وفيه
    دلالة على فطنة صفوان وحسن أدبه . ‏

    ‏قوله : ( فخمرت ) ‏
    ‏أي غطيت ‏
    ‏( وجهي بجلبابي ) ‏
    ‏أي الثوب الذي كان عليها , وقد تقدم شرحه في الطهارة .


    ‏قوله : ( والله ما كلمني كلمة ) ‏
    ‏عبرت بهذه الصيغة إشارة إلى أنه استمر منه ترك
    المخاطبة لئلا يفهم لو عبرت بصيغة الماضي اختصاص النفي بحال الاستيقاظ
    فعبرت بصيغة المضارعة .


    ‏قوله : ( ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته ) ‏
    ‏في رواية الكشميهني " حين أناخ راحلته " ووقع في
    رواية فليح " حتى " للأصيلي و " حين " للباقين , وكذا عند مسلم عن معمر .
    وعلى التقديرين فليس فيه نفي أنه كلمها بغير الاسترجاع لأن النفي على رواية
    حين مقيد بحال إناخة الراحلة لا يمنع ما قبل الإناخة ولا ما بعدها , وعلى
    رواية حتى معناها بجميع حالاته إلى أن أناخ ولا يمنع ما بعد الإناخة , وقد
    فهم كثير من الشراح أنها أرادت بهذه العبارة نفي المكالمة البتة فقالوا :
    استعمل معها الصمت اكتفاء بقرائن الحال مبالغة منه في الأدب وإعظاما لها
    وإجلالا انتهى . وقد وقع في رواية ابن إسحاق أنه قال لها : ما خلفك ؟ وأنه
    قال لها : اركبي وأستأخر . وفي رواية أبي أويس " فاسترجع وأعظم مكاني - أي
    حين رآني وحدي - وقد كان يعرفني قبل أن يضرب علينا الحجاب , فسألني عن أمري
    فسترت وجهي عنه بجلبابي وأخبرته بأمري , فقرب بعيره فوطئ على ذراعه فولاني
    قفاه فركبت " وفي حديث ابن عمر " فلما رآني ظن أني رجل فقال : يا نومان قم
    فقد سار الناس " وفي مرسل سعيد بن جبير " فاسترجع ونزل عن بعيره وقال : ما
    شأنك يا أم المؤمنين ؟ فحدثته بأمر القلادة " . ‏

    ‏قوله : ( فوطئ على يدها ) ‏
    ‏أي ليكون أسهل لركوبها ولا يحتاج إلى مسها عند ركوبها .
    وفي حديث أبي هريرة " فغطى وجهه عنها ثم أدنى بعيره منها " . ‏

    ‏قوله : ( فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش ) ‏
    ‏هكذا وقع في جميع الروايات إلا في مرسل مقاتل بن حيان
    فإن فيه أنه ركب معها مردفا لها , والذي في الصحيح هو الصحيح . ‏

    ‏قوله : ( بعدما نزلوا موغرين ) ‏
    ‏بضم الميم وكسر الغين المعجمة والراء المهملة أي
    نازلين في وقت الوغرة بفتح الواو وسكون الغين وهي شدة الحر لما تكون الشمس
    في كبد السماء , ومنه أخذ وغر الصدر وهو توقده من الغيظ بالحقد وأوغر فلان
    إذا دخل في ذلك الوقت كأصبح وأمسى . وقد وقع عند مسلم عند عبد بن حميد قال :
    " قلت لعبد الرزاق : ما قوله موغرين ؟ قال : الوغرة شدة الحر . ووقع في
    مسلم من طريق يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح بن كيسان موعزين بعين مهملة
    وزاي , قال القرطبي : كأنه من وعزت إلى فلان بكذا أي تقدمت , والأول أولى .
    قال : وصحفه بعضهم بمهملتين وهو غلط . قلت : وروي مغورين بتقديم الغين
    المعجمة وتشديد الواو , والتغوير النزول وقت القائلة . ووقع في رواية فليح "
    معرسين " بفتح العين المهملة وتشديد الراء ثم سين مهملة . والتعريس نزول
    المسافر في آخر الليل , وقد استعمل في النزول مطلقا كما تقدم وهو المراد
    هنا . ‏

    ‏قوله : ( في نحر الظهيرة ) ‏
    ‏تأكيد لقوله : موغرين , فإن نحر الظهيرة أولها وهو وقت
    شدة الحر , ونحر كل شيء أوله كأن الشمس لما بلغت غايتها في الارتفاع كأنها
    وصلت إلى النحر الذي هو أعلى الصدر , ووقع في رواية ابن إسحاق " فوالله ما
    أدركنا الناس ولا افتقدت حتى نزلوا واطمأنوا طلع الرجل يقودني " . ‏

    ‏قوله : ( فهلك من هلك ) ‏
    ‏زاد صالح في روايته " في شأني " وفي رواية أبي أويس "
    فهنالك قال في وفيه أهل الإفك ما قالوا " فأبهمت القائل وما قال وأشارت
    بذلك إلى الذين تكلموا بالإفك وخاضوا في ذلك , وأما أسماؤهم فالمشهور في
    الروايات الصحيحة : عبد الله بن أبي , ومسطح بن أثاثة , وحسان بن ثابت ,
    وحمنة بنت جحش . وقد وقع في المغازي من طريق صالح بن كيسان عن الزهري قال :
    قال عروة : لم يسم من أهل الإفك أيضا غير عبد الله بن أبي إلا حسان بن
    ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم
    عصبة كما قال الله تعالى . انتهى . والعصبة من ثلاثة إلى عشرة , وقد تطلق
    على الجماعة من غير حصر في عدد , وزاد أبو الربيع بن سالم فيهم تبعا لأن
    الخطاب بن دحية عبد الله وأبا أحمد ابنا جحش , وزاد فيهم الزمخشري زيد بن
    رفاعة ولم أره لغيره , وعند ابن مردويه من طريق ابن سيرين " حلف أبو بكر أن
    لا ينفق على يتيمين كانا عنده خاضا في أمر عائشة أحدهما مسطح " انتهى ,
    ولم أقف على تسمية رفيق مسطح , وأما القول فوقع في حديث ابن عمر فقال عبد
    الله بن أبي فجر بها ورب الكعبة , وأعانه على ذلك جماعة وشاع ذلك في العسكر
    . وفي مرسل سعيد بن جبير وقذفها عبد الله بن أبي فقال : ما برئت عائشة من
    صفوان ولا برئ منها وخاض بعضهم وبعضهم أعجبه . ‏

    يتبع إن
    شاء الله

    الست المصريه
    الست المصريه
    المديره العامه
    المديره العامه


    عدد المساهمات : 479
    تاريخ التسجيل : 10/02/2010

    حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك Empty رد: حديث ام المؤمنين عائشه في حادثه الافك

    مُساهمة من طرف الست المصريه السبت أبريل 17, 2010 11:31 am

    السلام عليكم
    ورحمة الله وبركاته


    نواصل ما سبق

    ‏قوله : ( وكان
    الذي تولى كبره )

    ‏أي تصدى لذلك وتقلده , وكبره أي كبر الإفك وكبر الشيء
    معظمه وهو قراءة الجمهور بكسر الكاف , وقرأ حميد الأعرج بضمها قال الفراء :
    وهي قراءة جيدة في العربية , وقيل : المعنى الذي تولى إثمه . ‏

    ‏قوله : ( عبد الله بن أبي )
    ‏تقدمت ترجمته في تفسير سورة براءة وقد بينت قوله في
    ذلك من قبل , وقد اقتصر بعضهم من قصة الإفك على هذه القصة كما تقدم في
    الباب الذي قبل هذا , وسيأتي بعد أربعة أبواب نقل الخلاف في المراد بالذي
    تولى كبره في الآية , ووقع في المغازي من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن
    عروة قال : أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره - بضم أوله وكسر القاف
    - ويستمعه ويستوشيه بمهملة ثم معجمة , أي يستخرجه بالبحث عنه والتفتيش ,
    ومنهم من ضبطه " يقرأ " بفتح أوله وضم القاف , وفي رواية ابن إسحاق " وكان
    الذي تولى كبر ذلك عبد الله بن أبي في رجال من الخزرج " . ‏

    ‏قوله : ( فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت
    شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك )

    ‏وفي رواية ابن إسحاق " وقد انتهى الحديث إلى رسول الله
    : وإلى أبوي ولا يذكرون لي شيئا من ذلك " وفيها أنها مرضت بضعا وعشرين
    ليلة , وهذا فيه رد على ما وقع في مرسل مقاتل بن حيان أن النبي صلى الله
    عليه وسلم لما بلغه قول أهل الإفك وكان شديد الغيرة قال : لا تدخل عائشة
    رحلي فخرجت تبكي حتى أتت أباها فقال : أنا أحق أن أخرجك فانطلقت تجول لا
    يؤويها أحد حتى أنزل الله عذرها , وإنما ذكرته مع ظهور نكارته لإيراد
    الحاكم له في الإكليل وتبعه بعض من تأخر غير متأمل لما فيه من النكارة
    والمخالفة للحديث الصحيح من عدة أوجه فهو باطل . ووقع في حديث ابن عمر :
    فشاع ذلك في العسكر فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم , فلما قدموا المدينة
    أشاع عبد الله بن أبي ذلك في الناس فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم
    . وقوله : " والناس يفيضون " بضم أوله أي يخوضون , من أفاض في قول إذا
    أكثر منه . ‏
    ‏قوله : ( وهو يريبني في وجعي ) بفتح أوله من الريب ويجوز الضم من الرباعي
    يقال رابه وأرابه , وقد تقدم قريبا . ‏

    ‏قوله : ( اللطف )
    ‏بضم أوله وسكون ثانيه وبفتحهما لغتان , والمراد الرفق
    . ووقع في رواية ابن إسحاق " أنكرت بعض لطفه " .


    ‏قوله : ( الذي كنت أرى منه حين أشتكي )
    ‏أي حين أمرض .

    ‏قوله : ( إنما يدخل فيسلم ثم يقول كيف تيكم )

    ‏وفي رواية ابن إسحاق " فكان إذا دخل قال لأمي وهي
    تمرضني : كيف تيكم " بالمثناة المكسورة وهي للمؤنث مثل ذاكم للمذكر ,
    واستدلت عائشة بهذه الحالة على أنها استشعرت منه بعض جفاء , ولكنها لما لم
    تكن تدري السبب , ولم تبالغ في التنقيب عن ذلك حتى عرفته . ووقع في رواية
    أبي أويس " إلا أنه يقول وهو مار كيف تيكم ولا يدخل عندي ولا يعودني ويسأل
    عني أهل البيت " وفي حديث ابن عمر " وكنت أرى منه جفوة ولا أدري من أي شيء "
    . ‏

    ‏قوله : ( نقهت ) ‏
    ‏بفتح القاف وقد تكسر والأول أشهر , والناقه
    بكسر القاف الذي أفاق من مرضه ولم تتكامل صحته , وقيل إن الذي بكسر القاف
    بمعنى فهمت لكنه هنا لا يتوجه لأنها ما فهمت ذلك إلا فيما بعد , وقد أطلق
    الجوهري وغيره أنه بفتح القاف وكسرها لغتان في برأ من المرض وهو قريب العهد
    لم يرجع إليه كمال صحته . ‏

    ‏قوله : ( فخرجت مع أم مسطح )
    ‏في رواية أبي أويس " فقلت يا أم مسطح خذي الإداوة
    فاملئيها ماء فاذهبي بنا إلى المناصع " .


    ‏قوله : ( قبل المناصع ) ‏
    ‏أي جهتها , تقدم شرحه في أوائل كتاب
    الوضوء , وأن المناصع صعيد أفيح خارج المدينة . ‏

    ‏قوله : ( متبرزنا )
    ‏بفتح الراء قبل الزاي موضع التبرز وهو الخروج إلى
    البراز وهو الفضاء , وكله كناية عن الخروج إلى قضاء الحاجة . والكنف بضمتين
    جمع كنيف وهو الساتر , والمراد به هنا المكان المتخذ لقضاء الحاجة . وفي
    رواية ابن إسحاق الكنف التي يتخذها الأعاجم . ‏

    ‏قوله : ( وأمرنا أمر العرب الأول )
    ‏بضم الهمزة وتخفيف الراء صفة العرب , وبفتح الهمزة
    وتشديد الراء صفة الأمر , قال النووي : كلاهما صحيح تريد أنهم لم يتخلقوا
    بأخلاق العجم . قلت : ضبطه ابن الحاجب بالوجه الثاني وصرح بمنع وصف الجمع
    باللفظ الأول ثم قال : إن ثبتت الرواية خرجت على أن العرب اسم جمع تحته
    جموع فتصير مفردة بهذا التقدير . ‏

    ‏قوله : ( في التبرز قبل الغائط )
    ‏في رواية فليح " في البرية " بفتح الموحدة وتشديد
    الراء ثم التحتانية " أو في التنزه " بمثناة ثم نون ثم زاي ثقيلة هكذا على
    الشك , والتنزه طلب النزاهة والمراد البعد عن البيوت .


    ‏قوله : ( فانطلقت أنا وأم مسطح ) ‏
    ‏بكسر الميم وسكون السين وفتح الطاء بعدها حاء
    مهملات , قيل اسمها سلمى وفيه نظر لأن سلمى اسم أم أبي بكر , ثم ظهر لي أن
    لا وهم فيه فإن أم أبي بكر خالتها فسميت باسمها .


    ‏قوله : ( وهي بنت أبي رهم )
    ‏بضم الراء وسكون الهاء . ‏

    ‏قوله : ( ابن عبد مناف ) ‏
    ‏كذا هنا ولم ينسبه فليح , وفي رواية صالح " بنت
    أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف " وهو الصواب واسم أبي رهم أنيس .


    ‏قوله : ( وأمها بنت صخر بن عامر )
    ‏أي ابنكعب بن سعد بن تيم من رهط أبي بكر .

    ‏قوله : ( خالة أبي بكر الصديق ) ‏
    ‏اسمها رائطة حكاه أبو نعيم .

    ‏قوله : ( وابنها مسطح بن أثاثة )
    ‏بضم الهمزة ومثلثتين الأولى خفيفة بينهما ألف ابن عباد
    بن المطلب فهو المطلبي من أبيه وأمه , والمسطح عود من أعواد الخباء , وهو
    لقب واسمه عوف وقيل عامر والأول هو المعتمد , وقد أخرج الحاكم من حديث ابن
    عباس قال " قال أبو بكر يعاتب مسطحا في قصة عائشة : ‏ ‏يا عوف ويحك هل لا
    قلت عارفة ‏ ‏من الكلام ولم تبتغ به طمعا ‏ ‏وكان هو وأمه من المهاجرين
    الأولين , وكان أبوه مات وهو صغير فكفله أبو بكر لقرابة أم مسطح منه ,
    وكانت وفاة مسطح سنة أربع وثلاثين وقيل سنة سبع وثلاثين بعد أن شهد صفين مع
    علي . ‏

    ‏قوله : ( فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من
    شأننا فعثرت )

    ‏بالمهملة والمثلثة ( أم مسطح في مرطها ) بكسر الميم ,
    وفي رواية مقسم عن عائشة أنها وطئت على عظم أو شوكة , وهذا ظاهره أنها
    عثرت بعد أن قضت عائشة حاجتها ثم أخبرتها الخبر بعد ذلك , لكن في رواية
    هشام بن عروة الآتية قريبا أنها عثرت قبل أن تقضي عائشة حاجتها وأنها لما
    أخبرتها الخبر رجعت كأن الذي خرجت له لا تجد منه لا قليلا ولا كثيرا , وكذا
    وقع في رواية ابن إسحاق قالت " فوالله ما قدرت أن أقضي حاجتي " وفي رواية
    ابن أويس " فذهب عني ما كنت أجد من الغائط , ورجعت عودي على بدئي " وفي
    حديث ابن عمر " فأخذتني الحمى وتقلص ما كان مني " ويجمع بينهما بأن معنى
    قولها : " وقد فرغنا من شأننا " أي من شأن المسير , لا قضاء الحاجة . ‏

    ‏قوله : ( فقالت : تعس مسطح ) ‏
    ‏بفتح المثناة وكسر العين المهملة وبفتحها أيضا
    بعدها سين مهملة أي كب لوجهه أو هلك ولزمه الشر أو بعد , أقوال , وقد تقدم
    شرحها أيضا في الجهاد . ‏

    ‏قوله : ( فقلت لها : بئس ما قلت , أتسبين
    رجلا شهد بدرا ) ‏

    ‏في رواية هشام بن عروة أنها عثرت ثلاث مرات
    كل ذلك تقول : " تعس مسطح " وأن عائشة تقول لها : " أي أم أتسبين ابنك "
    وأنها انتهرتها في الثالثة فقالت : " والله ما أسبه إلا فيك " وعند
    الطبراني " فقلت : أتسبين ابنك وهو من المهاجرين الأولين " وفي رواية ابن
    حاطب عن علقمة بن وقاص " فقلت : أتقولين هذا لابنك وهو صاحب رسول الله صلى
    الله عليه وسلم ؟ ففعلت مرتين فأعدت عليها فحدثتني بالخبر فذهب عني الذي
    خرجت له حتى ما أجد منه شيئا " قال أبو محمد بن أبي جمرة : يحتمل أن يكون
    قول أم مسطح هذا عمدا لتتوصل إلى إخبار عائشة بما قيل فيها وهي غافلة ,
    ويحتمل أن يكون اتفاقا أجراه الله على لسانها لتستيقظ عائشة من غفلتها عما
    قيل فيها . ‏

    ‏قوله : ( قالت : أي هنتاه )
    ‏أي حرف نداء للبعيد وقد يستعمل للقريب حيث ينزل
    منزلة البعيد , والنكتة فيه هنا أن أم مسطح نسبت عائشة إلى الغفلة عما قيل
    فيها لإنكارها سب مسطح فخاطبتها خطاب البعيد , وهنتاه بفتح الهاء وسكون
    النون وقد تفتح بعدها مثناة وآخره هاء ساكنة وقد تضم أي هذه وقيل امرأة
    وقيل بلهى , كأنها نسبتها إلى قلة المعرفة بمكائد الناس . وهذه اللفظة تختص
    بالنداء وهي عبارة عن كل نكرة , وإذا خوطب المذكر قيل يا هنة , وقد تشبع
    النون فيقال يا هناه , وحكى بعضهم تشديد النون فيه وأنكره الأزهري . ‏

    ‏قوله : ( قالت : قلت : وما قال )
    ‏في رواية أبي أويس " فقالت لها : إنك لغافلة عما يقول
    الناس " وفيها " أن مسطحا وفلانا وفلانا يجتمعون في بيت عبد الله بن أبي
    يتحدثون عنك وعن صفوان يرمونك به " وفي رواية مقسم عن عائشة " أشهد أنك من
    الغافلات المؤمنات " وفي رواية هشام بن عروة الآتية " فنقرت لي الحديث "
    وهي بنون وقاف ثقيلة أي شرحته , ولبعضهم بموحدة وقاف خفيفة أي أعلمتنيه . ‏

    ‏قوله : ( فازددت مرضا على مرضي )
    ‏عند سعيد بن منصور من مرسل أبي صالح " فقالت : وما
    تدرين ما قال ؟ قلت : لا والله , فأخبرتها بما خاض فيه الناس , فأخذتها
    الحمى " وعند الطبراني بإسناد صحيح عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت
    : " لما بلغني ما تكلموا به هممت أن آتي قليبا فأطرح نفسي فيه " وأخرجه
    أبو عوانة أيضا . ‏

    ‏قوله : ( فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول
    الله صلى الله عليه وسلم ) ‏

    ‏في رواية معمر " فدخل " قيل : الفاء زائدة
    والأولى أن في الكلام حذفا تقديره : فلما دخلت بيتي استقريت فيه فدخل . ‏

    ‏قوله : ( فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي )

    ‏في رواية هشام بن عروة المعلقة " فقلت : أرسلني إلى
    بيت أبي , فأرسل معي الغلام " وسيأتي نحوه موصولا في الاعتصام . ولم أقف
    على اسم هذا الغلام . ‏

    ‏قوله : ( فقلت لأمي : يا أمتاه ما يتحدث
    الناس ؟ قالت : يا بنية هوني عليك )

    ‏في رواية هشام بن عروة : فقالت يا بنية خففي عليك
    الشأن . ‏

    ‏قوله : ( وضيئة ) ‏
    ‏بوزن عظيمة من الوضاءة أي حسنة جميلة ,
    وعند مسلم من رواية ابن ماهان " حظية " بمهملة ثم معجمة من الحظوة أي رفيعة
    المنزلة , وفي رواية هشام " ما كانت امرأة حسناء " . ‏

    ‏قوله : ( ضرائر )
    ‏جمع ضرة وقيل للزوجات ضرائر لأن كل واحدة يحصل لها
    الضرر من الأخرى بالغيرة .


    ‏قوله : ( أكثرن عليها ) ‏
    ‏في رواية الكشميهني " كثرن " بالتشديد أي القول
    في عيبها , وفي رواية ابن حاطب " لقلما أحب رجل امرأته إلا قالوا لها نحو
    ذلك " وفي رواية هشام " إلا حسدنها وقيل فيها " وفي هذا الكلام من فطنة
    أمها وحسن تأتيها في تربيتها ما لا مزيد عليه , فإنها علمت أن ذلك يعظم
    عليها فهونت عليها الأمر بإعلامها بأنها لم تنفرد بذلك , لأن المرء يتأسى
    بغيره فيما يقع له , وأدمجت في ذلك ما تطيب به خاطرها من أنها فائقة في
    الجمال والحظوة , وذلك مما يعجب المرأة أن توصف به , مع ما فيه من الإشارة
    إلى ما وقع من حمنة بنت جحش , وأن الحامل لها على ذلك كون عائشة ضرة أختها
    زينب بنت جحش , وعرف من هذا أن الاستثناء في قولها إلا أكثرن عليها متصل
    لأنها لم تقصد قصتها بعينها بل ذكرت شأن الضرائر , وأما ضرائرها هي فإنهن
    وإن كن لم يصدر منهن في حقها شيء مما يصدر من الضرائر لكن لم يعدم ذلك ممن
    هو منهن بسبيل كما وقع من حمنة لأن ورع أختها منعها من القول في عائشة كما
    منع بقية أمهات المؤمنات , وإنما اختصت زينب بالذكر لأنها التي كانت تضاهي
    عائشة في المنزلة . ‏

    ‏قوله : ( فقلت : سبحان الله , أو لقد تحدث
    الناس بهذا )

    ‏؟ زاد الطبري من طريق معمر عن الزهري " وبلغ رسول الله
    صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم " . وفي رواية هشام " فقلت : وقد علم به
    أبي ؟ قالت : نعم . قلت : ورسول الله ؟ قالت : نعم ورسول الله صلى الله
    عليه وسلم " . وفي رواية ابن إسحاق " فقلت لأمي غفر الله لك , يتحدث الناس
    بهذا ولا تذكرين لي " . وفي رواية ابن حاطب عن علقمة " ورجعت إلى أبوي فقلت
    : أما اتقيتما الله في , وما وصلتما رحمي , يتحدث الناس بهذا ولم تعلماني "
    وفي رواية هشام بن عروة " فاستعبرت فبكيت , فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق
    البيت يقرأ فقال لأمي : ما شأنها ؟ فقالت : بلغها الذي ذكر من شأنها ,
    ففاضت عيناه فقال : أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك , فرجعت " وفي
    رواية معمر عند الطبراني " فقالت أمي : لم تكن علمت ما قيل لها فأكبت تبكي
    ساعة ثم قال : اسكتي يا بنية " . ‏

    ‏قوله : ( فقلت سبحان الله )
    ‏استغاثت بالله متعجبة من وقوع مثل ذلك في حقها مع
    براءتها المحققة عندها . ‏

    ‏قوله : ( لا يرقأ لي دمع )
    بالقاف
    بعدها همزة أي لا ينقطع .

    ‏قوله : ( ولا أكتحل بنوم )

    ‏استعارة للسهر , ووقع في رواية مسروق عن أم رومان كما
    مضى في المغازي " فخرت مغشيا عليها , فما استفاقت إلا وعليها حمى بنافض ,
    فطرحت عليها ثيابها فغطيتها " وفي رواية الأسود عن عائشة " فألقت علي أمي
    كل ثوب في البيت " .

    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏طرق حديث الإفك مجتمعة على أن
    عائشة بلغها الخبر من أم مسطح , لكن وقع في حديث أم رومان ما يخالف ذلك
    ولفظه " بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار فقالت :
    فعل الله بفلان وفعل , فقلت : وما ذاك ؟ قالت : ابني ومن حدث الحديث . ‏
    ‏قالت : وما ذلك ؟ قالت : كذا وكذا " هذا لفظ المصنف في المغازي , ولفظه في
    قصة يوسف " قالت : إنه نمى الحديث , فقالت عائشة : أي حديث ؟ فأخبرتها ,
    قالت : فسمعه أبو بكر ؟ قالت : نعم . قالت : ورسول الله صلى الله عليه وسلم
    ؟ قالت : نعم . فخرت مغشيا عليها " وطريق الجمع بينهما أنها سمعت ذلك أولا
    من أم مسطح . ثم ذهبت لبيت أمها لتستيقن الخبر منها فأخبرتها أمها بالأمر
    مجملا كما مضى من قولها هوني عليك وما أشبه ذلك , ثم دخلت عليها الأنصارية
    فأخبرتها بمثل ذلك بحضرة أمها فقوي عندها القطع بوقوع ذلك , فسألت هل سمعه
    أبوها وزوجها ؟ ترجيا منها أن لا يكونا سمعا ذلك ليكون أسهل عليها , فلما
    قالت لها إنهما سمعاه غشي عليها . ولم أقف على اسم هذه المرأة الأنصارية
    ولا على اسم ولدها . ‏
    ‏قوله : ( فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي
    )

    هذا ظاهره أن
    السؤال وقع بعدما علمت بالقصة لأنها عقبت بكاءها تلك الليلة بهذا ثم عقبت
    هذا بالخطبة , ورواية هشام بن عروة تشعر بأن السؤال والخطبة وقعا قبل أن
    تعلم عائشة بالأمر , فإن في أول رواية هشام عن أبيه عن عائشة " لما ذكر من
    شأني الذي ذكر وما علمت به قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا " فذكر
    قصة الخطبة الآتية ; ويمكن الجمع بأن الفاء في قوله " فدعا " عاطفة على شيء
    محذوف تقديره : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قد سمع ما قيل
    فدعا علي . ‏
    ‏قوله : ( علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد )

    في حديث ابن
    عمر " وكان إذا أراد أن يستشير أحدا في أمر أهله لم يعد عليا وأسامة " لكن
    وقع في رواية الحسن العربي عن ابن عباس عند الطبراني أنه صلى الله عليه
    وسلم استشار زيد بن ثابت فقال : دعها فلعل الله يحدث لك فيها أمرا , وأظن
    في قوله : " ابن ثابت " تغيير وأنه كان في الأصل " ابن حارثة " وفي رواية
    الواقدي أنه سأل أم أيمن فبرأتها , وأم أيمن هي والدة أسامة بن زيد وسيأتي
    أنه سأل زينب بنت جحش أيضا . ‏
    ‏قوله : ( حين استلبث الوحي )

    بالرفع أي
    طال لبث نزوله , وبالنصب أي استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم نزوله . ‏
    ‏قوله : ( في فراق أهله )

    عدلت عن
    قولها في فراقي إلى قولها فراق أهله لكراهتها التصريح بإضافة الفراق إليها .


    ‏قوله : ( أهلك )

    بالرفع فإن في
    رواية معمر " هم أهلك " ولو لم تقع هذه الرواية لجاز النصب أي أمسك ومعناه
    هم أهلك أي العفيفة اللائقة بك , ويحتمل أن يكون قال ذلك متبرئا من
    المشورة ووكل الأمر إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم , ثم لم يكتف بذلك
    حتى أخبر بما عنده فقال : " ولا نعلم إلا خيرا " وإطلاق الأهل على الزوجة
    شائع , قال ابن التين : أطلق عليها أهلا وذكرها بصيغة الجمع حيث قال : " هم
    أهلك " إشارة إلى تعميم الأزواج بالوصف المذكور انتهى . ويحتمل أن يكون
    جمع لإرادة تعظيمها .

    ‏قوله : ( وأما علي بن أبي طالب فقال : يا رسول الله لم
    يضيق الله عليك , والنساء سواها كثير )

    كذا
    للجميع بصيغة التذكير كأنه أراد الجنس , مع أن لفظ فعيل يشترك فيه المذكر
    والمؤنث إفرادا وجمعا . وفي رواية الواقدي " قد أحل الله لك وأطاب , طلقها
    وانكح غيرها " وهذا الكلام الذي قاله علي حمله عليه ترجيح جانب النبي صلى
    الله عليه وسلم لما رأى عنده من القلق والغم بسبب القول الذي قيل , وكان
    صلى الله عليه وسلم شديد الغيرة , فرأى علي أنه إذا فارقها سكن ما عنده من
    القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها فيمكن رجعتها , ويستفاد منه ارتكاب أخف
    الضررين لذهاب أشدهما . وقال النووي : رأى علي أن ذلك هو المصلحة في حق
    النبي صلى الله عليه وسلم واعتقد ذلك لما رأى من انزعاجه , فبذل جهده في
    النصيحة لإرادة راحة خاطره صلى الله عليه وسلم . وقال الشيخ أبو محمد بن
    أبي جمرة : لم يجزم علي بالإشارة بفراقها لأنه عقب ذلك بقوله : " وسل
    الجارية تصدقك " ففوض الأمر في ذلك إلى نظر النبي صلى الله عليه وسلم ,
    فكأنه قال : إن أردت تعجيل الراحة ففارقها , وإن أردت خلاف ذلك فابحث عن
    حقيقة الأمر إلى أن تطلع على براءتها . لأنه كان يتحقق أن بريرة لا تخبره
    إلا بما علمته , وهي لم تعلم من عائشة إلا البراءة المحضة . والعلة في
    اختصاص علي وأسامة بالمشاورة أن عليا كان عنده كالولد لأنه رباه من حال
    صغره ثم لم يفارقه , بل وازداد اتصاله بتزويج فاطمة فلذلك كان مخصوصا
    بالمشاورة فيما يتعلق بأهله لمزيد اطلاعه على أحواله أكثر من غيره ; وكان
    أهل مشورته فيما يتعلق بالأمور العامة أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر . وأما
    أسامة فهو كعلي في طول الملازمة ومزيد الاختصاص والمحبة , ولذلك كانوا
    يطلقون عليه أنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ; وخصه دون أبيه وأمه
    لكونه كان شابا كعلي , وإن كان علي أسن منه . وذلك أن للشاب من صفاء الذهن
    ما ليس لغيره , ولأنه أكثر جرأة على الجواب بما يظهر له من المسن , لأن
    المسن غالبا يحسب العاقبة فربما أخفى بعض ما يظهر له رعاية للقائل تارة
    والمسئول عنه أخرى , مع ما ورد في بعض الأخبار أنه استشار غيرهما .

    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏وقع بسبب هذا الكلام من علي نسبة
    عائشة إياه إلى الإساءة في شأنها كما تقدم من رواية الزهري عن أبي بكر بن
    عبد الرحمن وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة في المغازي وما راجع به
    الوليد بن عبد الملك من ذلك فأغنى عن إعادته , وقد وضح عذر علي في ذلك . ‏
    ‏قوله : ( وسل الجارية تصدقك ) في رواية مقسم عن عائشة " أرسل إلى بريرة
    خادمتها فسلها , فعسى أن تكون قد اطلعت على شيء من أمرها " . ‏
    ‏قوله : ( فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
    بريرة )

    بفتح الموحدة
    وكسر الراء تقدم ضبطها في العتق , في رواية مقسم " فأرسل إلى بريرة فقال
    لها : أتشهدين أني رسول الله ؟ قالت : نعم . قال : فإني سائلك عن شيء فلا
    تكتمينه . قالت : نعم . قال : هل رأيت من عائشة ما تكرهينه ؟ قالت : لا " .
    وقد قيل إن تسميتها هنا وهم , لأن قصتها كانت بعد فتح مكة , كما سيأتي
    أنها لما خيرت فاختارت نفسها كان زوجها يبكي , فقال النبي صلى الله عليه
    وسلم للعباس : يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ؟ الحديث . وسيأتي ويمكن
    الجواب بأن تكون بريرة كانت تخدم عائشة وهي في رق مواليها وأما قصتها معها
    في مكاتبتها وغير ذلك فكان بعد ذلك بمدة , أو أن اسم هذه الجارية المذكورة
    في قصة الإفك وافق اسم بريرة التي وقع لها التخيير , وجزم البدر الزركشي
    فيما استدركته عائشة على الصحابة أن تسمية هذه الجارية ببريرة مدرجة من بعض
    الرواة وأنها جارية أخرى , وأخذه من ابن القيم الحنبلي فإنه قال : تسميتها
    ببريرة وهم من بعض الرواة , فإن عائشة إنما اشترت بريرة بعد الفتح , ولما
    كاتبتها عقب شرائها وعتقت خيرت فاختارت نفسها , فظن الراوي أن قول علي "
    وسل الجارية تصدقك " أنها بريرة فغلط , قال : وهذا نوع غامض لا يتنبه له
    إلا الحذاق . قلت : وقد أجاب غيره بأنها كانت تخدم عائشة بالأجرة وهي في رق
    مواليها قبل وقوع قصتها في المكاتبة , وهذا أولى من دعوى الإدراج وتغليظ
    الحفاظ . ‏
    ‏قوله : ( أي بريرة , هل رأيت من شيء يريبك )

    في رواية
    هشام بن عروة " فانتهرها بعض أصحابه فقال : اصدقي رسول الله صلى الله عليه
    وسلم " وفي رواية أبي أويس " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : شأنك
    بالجارية , فسألها علي وتوعدها فلم تخبره إلا بخير , ثم ضربها وسألها فقالت
    : والله ما علمت على عائشة سوءا " وفي رواية ابن إسحاق " فقام إليها علي
    فضربها ضربا شديدا يقول : اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ووقع في
    رواية هشام " حتى أسقطوا لها به " يقال أسقط الرجل في القول إذا أتى بكلام
    ساقط , والضمير في قوله به للحديث أو الرجل الذي اتهموها به . وحكى عياض أن
    في رواية ابن ماهان في مسلم " حتى أسقطوا لهاتها " بمثناة مفتوحة وزيادة
    ألف بعد الهاء , قال : وهو تصحيف لأنهم لو أسقطوا لهاتها لم تستطع الكلام ,
    والواقع أنها تكلمت فقالت : سبحان الله إلخ , وفي رواية حماد بن سلمة عن
    هشام بن عروة عند الطبراني " فقال : لست عن هذا أسألك , قالت : فعمه ؟ فلما
    فطنت قالت : سبحان الله " وهذا يدل على أن المراد بقوله في الرواية حتى
    أسقطوا لها به حتى صرحوا لها بالأمر , فلهذا تعجبت . وقال ابن الجوزي :
    أسقطوا لها به أي صرحوا لها بالأمر , وقيل جاءوا في خطابها بسقط من القول .
    ووقع في رواية الطبري من طريق أبي أسامة " قال عروة : فعيب ذلك على من
    قاله " وقال ابن بطال : يحتمل أن يكون من قولهم : سقط إلي الخبر إذا علمته ,
    قال الشاعر : " إذا هن ساقطن الحديث وقلن لي " قال : فمعناه ذكروا لها
    الحديث وشرحوه . ‏
    يتبع إن شاء
    الله

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 5:03 am